الصفحات

مجموعة السلطان قلاوون

مجموعة السلطان قلاوون
تقع مجموعة السلطان قلاوون على الطريق الرئيسي للقاهرة في القرون الوسطى، في موقع القصر الفاطمي الغربي القديم، وهي عبارة عن مبنى كبير على شكل حرف L اللاتيني، وتحتوي على مارستان ومقام ومدرسة. ولقد عرفت هذه المجموعات متعدّدة الوظائف منذ العهد السلجوقي على الأقلّ (1071-1307)، وانتشرت زمن الأيوبيين وبالأخص في فترة المماليك ثمّ تطوّرت تطوّرا كبيرا مع الإمبراطوريتين العثمانيّة والصفويّة. ولقد تمّ بناء هذه المجموعة في أقل من سنتين وأضيف إليه سنة 1326 سبيل الماء

واجهة هذه المجموعة طويلة وغير مستقيمة إلاّ أنّ شريطا من الكتابة وصفّا من الشرفات يضفيان عليها الانسجام. وتقسّمها مشكاوات عالية قليلة العمق تحوي كلّ منها ثلاثة مستويات من النوافذ مما يعطي للواجهة ضربا من العمودية القويّة. أمّا المشكاوات الواقعة في الجانب العلوي فهي ذات عقدين تعلوهما في الوسط نافذة مستديرة تذكّر بالكنائس القوطيّة. وهذا نمط جلبه بلا شكّ الصليبيون، وأمّا الفتحات المضاعفة فسنجدها بعد هذا العصر بقليل مع بداية الفنّ العثماني مثل ما نلقاه في مجموعة "هو دافند يقار" في بيرصا (1365-1385).

وفي طرف المجموعة ترتفع مئذنة ذات ثلاثة طوابق أعلاها دائري الشكل أضافه الناصر محمد بن قلاوون بعد زلزال 1303. وزخرفتها بعقود متعدّدة الفصوص المتشابكة تذكّر بإسبانيا (جامع الحمراء بغرناطة) وبالمغرب.

وكانت هناك في القرن التاسع مؤسّسات طبيّة عظيمة خيريّة في بغداد والقاهرة (مارستان ابن طولون 872-874)، ثمّ انتشرت مثل هذه المؤسسات في العالم الإسلامي وعلى الخصوص في سوريا بعد تفكّك الإمبراطورية. وتمّت مداواة السلطان قلاوون أثناء حملة عسكريّة في مارستان نور الدين في دمشق، ولعله استلهم هذه الفكرة ليؤسّس مستشفاه الخاص. وحسب وثيقة الوقف فإنّ المداواة فيه كانت مجانيّة لكلّ المسلمين دون تفريق اجتماعي ولا في السن ولا في الجنس مثل ما يؤكد ذلك مرسوم تأسيسه ؛ فلكل مريض سرير نظيف وكذلك غذاء وأدوية يعدّها صيدلانيون متخصّصون. ولقد استمر نشاط هذا المستشفى حتى القرن التاسع عشر قبل أن يهمل ويتهدم بشكل شبه كلي سنة 1910 ليقوم مكانه مستشفى آخر جديد.

وعلى غرار مارستان نور الدين فإنّ مارستان قلاوون ينتظم حول صحن ينفتح عليه أربعة أواوين كبيرة، وقد يعود هذا التخطيط إلى المباني البوذيّة بآسيا الوسطى (موقع إدزهنا تاب - Site de Adzhina Tep) وهو تخطيط معتمد في العالم الفارسي من قبل ثم انتشر منذ القرن الثاني عشر في منطقة البحر الأبيض المتوسط مع إنتشار فكرة "المدرسة". فبمدرسة نور الدين في دمشق ثلاثة أواوين وبمدرسة مجموعة قلاوون أربعة لكنها غير متساوية، اثنان منها أضيفا للدعم وآخر يمثل بيت صلاة حقيقي، وهو عبارة عن إيوان كبير ينغلق على أقواس ذات مستويين تذكر ببعض البناءات البيزنطية السابقة ويعتمد على تخطيط كنسي ذي ثلاثة أساكيب وربما كان ذلك للتذكير بهندسة المساجد.

وإيوان المدرسة الكبير مثله مثل المقام ينفتح على الطريق وهو ما يسمح للمارّة بسماع الإملاءات القرآنية والصلوات التي تتلى في الداخل، ويتصل المقام بالمدرسة بواسطة ممّر ذي سقف مطلي والمقام هو من غير شك الجزء الذي نال أكبر صيانة في المجموعة. وتحوط بالصحن قناطر تؤدي إلى قاعة القبّة ذات الزخرفة الثريّة بترصيعات من الرخام والصدف.

وفي الوسط نجد عددا من الأضرحة تحوط بها مشربية، أمّا القبّة فتقع على قاعدة عالية مثمنة الزوايا ترتكز هي نفسها على سوار تتناوب مع أعمدة، وهي قبّة تذكّر بقبّة الصخرة في القدس إذ كان المماليك مولعين باستلهام المعالم الأمويّة.

















































ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق